عاجل

أين الرجال ؟

محمد سعد الأزهري

المفترض لكى يكون لنا - كتيار يريد عودة الشريعة لتحكم المنطقة ومن ثم العالم كله - وجوداً حقيقياً كقوة لها توازن لا يُستهان به فى المنطقة ، تمكننا من تحريك الصراع لا مشاهدته ! ولكى نصل إلي ذلك فلابد أن يكون لنا رؤية واضحة المعالم ، ولكن الذى يحدث الآن أننا نشاهد ونتعجَّب من التغيرات التى تحدث حولنا وفوقنا وتحتنا وفقط ! وللأسف الشديد رؤية الكثيرين من أصحاب الصوت الزاعق هى هدم رموز هذا التيار حتى تتيح الفرصة للجيل الجديد أن يأخذ مكانه فى قيادة الأجيال القادمة ! مع أن الجيل الذى يفشل فى أن يوجد له مكاناً بين الجيل الأكبر فإنما يدل على ضعفه وعدم فاعليته ! وليس معنى ذلك رضانا عن بعض أفعال هذه الرموز ، أو حتى صلاحية بعضهم لأن يكون رمزاً ، وإنما مقصدهم هدم الجميع دُفعة واحدة! رغم أن كلُّ يؤخذ منه ويُرد وهناك من يري أن قتال الأنظمة هو السبيل إلى انهيارها ومن ثمّ بناء أنظمة جديدة لا تخضع للهيمنة الأمريكية ، وذلك دون حساب القوة الحقيقية على الأرض ودون حاضنة شعبية بل وأحياناً تكون الحاضنة كارهة للأنظمة الحرّة وخاضعة للأنظمة المستبدة ! وهناك من يرى أن التربية والتعليم وتجويد الإنسان بالمعارف المتعددة والخبرات المتراكمة هى السبيل لإنشاء جيل يستطيع أن يصنع نهضة لأمة متخلفة متأخرة ، وهذا الطرح بلا شك يحتاج إلي طاغوت طيب وغلبان لكي يسمح لهؤلاء بذلك ! وأنا لا أهوّن من التربية والتعليم وتجويد الإنسان وإنما هي لا تصلح بمفردها لنصر الأمة أو تغيير وجه الحياة فوق ترابها . وهناك من يري أن الدعوة إلي الله وتعليم الخلق والقيام بفروض الكفايات ما أمكن هى السبيل لتغيير وجه المنطقة لكن للأسف يتم ذلك بلا تخطيط ولا رؤية ولا تدريب ولا جودة إلا بعض النماذج القليلة الجيدة والتى كان لمهارتها الخاصه بعد توفيق الله لها أثر كبير فى ذلك ، بمعنى أن الغالبية العُظمى ممن ينشغلون بالدعوة لا يشتغلون بها ! ومن ثمَّ تكون النتائج ضعيفة للغاية وذلك لضعف البدايات ! وللأسف فبعض الناس جعل الدعوة إلي الله محصورة فى المساجد والجمعيات الخيرية مما أفقد هذا التيار جزءاً كبيراً من قوته . وهناك من يري أن جهاد الكفرة والمحتلين يبدأ من قتال الخارجين على الإمام المختبىء ! الذين لا يريدون أن يخضعوا لأحكامه وسطوته ! ومن لم يبايعنا فله سيفنا وخناجرنا ! وهناك من يري أن المجالس النيابية والسلطة التنفيذية هى الباب للنفوذ داخل أروقة السلطان والتسلل بخفة فى زمن البلوتوث للتمكُّن من ذيل الحصان ! وهناك من يري إنّه كفاية كده والإنسحاب المشرف خير من الخسارات المتكررة ، وأن الجلوس فى البيت خير من الجلوس فى عربة الترحيلات ! الرؤية هى النظرة المستقبلية لمدة من الزمن نستطيع من خلالها أن نري أين نحن وماذا نريد وبأي شيء نصل إلي ما نريد ومثل هذا يحتاج إلي اجتماع صادق مخلص من العناصر التى تريد رفعة هذه الأمة دون النظر إلي ومضات الفلاش ، وأن يكون هؤلاء على مستوي مسئولية الحدث ، فالآن البلاد السنية تتعرّض إلي غزو الفوضى لا إلي غزو العقول ، فلم يعُد للأفكار النخبوية مكاناً إلا فى الصالونات وإنما يُراد لنا أن تكون أفكارنا كلاشنكوفية بلون الدم !! لا تخضع إلا لنظرية " قنبلة فى جيبي وأخري فى يدي خير من ألف كتاب ومائة ألف كرّاسة ومليون قلم رصاص ! " الدول الآن تسقط لا لتقوم أنظمة أخرى مكانها ، بل لتغرق أنظمة أخرى مكانها ! وتظل الفوضي عنصراً أساسياً فى البلاد بما يجعل بلادنا متخلفة ومتأخرة وفوضوية ! فهل من رجال يخرجون بعيداً عن شرنقة المواقف الماضية ؟ يحاولون بصدق أن يصنعوا سبيلاً للمقاومة متعدد الأوردة والشرايين يضخ الدم الجديد ليصل إلي المكان البعيد دون التهوين من التبليغ ولا التعظيم المبالغ فيه للتقعيد والتنظير ، مع التأكيد على أن الله فضل بعض الأشياء على بعض ، ووضع القبول لأهل الإخلاص فى القول والعمل وكل فى فلك يسبحون .