عاجل

  • الرئيسية
  • محليات
  • برهامي يرد علي الأوقاف ويعرض الأجوبة الأزهرية السلفية على أسئلة الامتحانات الأوقافية

برهامي يرد علي الأوقاف ويعرض الأجوبة الأزهرية السلفية على أسئلة الامتحانات الأوقافية

د. ياسر برهامي

كتب الدكتور ياسر برهامي نائب رئيس الدعوة السلفية مقالا للرد علي الأوقاف وعرض الأجوبة الأزهرية السلفية على أسئلة الامتحانات الأوقافية، وهذا نص المقال: أسوق هذه الفتاوى لكبار علماء الأزهر الشريف ومنهم من شغل منصب شيخ الأزهر، وذلك ردا على من أراد إيهام الناس أنها تمثل منهجا متشددا يخالف منهج الأزهر. سؤال: ما حُكم الصلاة في المساجد التي فيها قبور؟ «كتبت وزارة الأوقاف ما يأتي: يوجد بوسط مسجد عز الدِّين أيبك قبران، وَرَدَ ذكرهما في الخطط التوفيقية، وتقام الشعائر أمامهما وخلفهما، وقد طلب رئيس خَدَم هذا المسجد دفنه في أحد هذين القبرين؛ لأنَّ جدة الذي حدَّد بناء المسجد مدفون بأحدهما، فنرجو التفضل ببيان الحكم الشرعي في ذلك». أجاب فضيلة العلامة المجتهد الشيخ عبد المجيد سليم – رحمه الله – مفتي الدِّيار المصرية – قائلًا [فتاوى دار الإفتاء المصرية]: "نفيد أنَّه قد أفتي شيخ الإسلام ابن تيميَّة: بأنَّه «لا يجوز أن يُدْفَن في المسجد ميت، لا صغير ولا كبير، ولا جليل ولا غيره؛ فإنَّ المساجد لا يجوز تشبيهها بالمقابر» [الفتاوي الكبرى لشيخ الإسلام ابن تيميَّة (2/85)]". وقال في فتوى أخرى: «إنه لا يجوز دفن ميت في مسجد، فإنْ كان المسجد قبل الدَّفن غُيِّر؛ إمَّا بتسوية القبر، وإمَّا بنَبْشِه إنْ كان جديدًا... إلخ» [الفتاوي الكبرى لشيخ الإسلام (2/80)]. وذلك لأنَّ الدَّفن في المسجد إخراج لجزء مِن المسجد عما جُعل له مِن صلاة المكتوبات وتوابعها مِن النَّفل والذِّكر وتدريس العلم، وذلك غير جائر شرعًا؛ ولأنَّ اتخاذ قبر في المسجد على الوجه الوارد في السؤال يؤدي إلى الصلاة إلى هذا القبر أو عنده، وقد وردت أحاديث كثيرة دالة على حظر ذلك. قال شيخ الإسلام ابن تيميَّة – رحمه الله – في كتاب «اقتضاء الصراط المستقيم» (ص 158) ما نصُّه: «إنَّ النصوص عن النَّبي قد تواترت بالنهي عن الصلاة عند القبور مطلقًا، وعن اتخاذها مساجد أو بناء المساجد عليها» [اقتضاء الصراط المستقيم لابن تيمية (2/667)]. ومن الأحاديث ما رواه مُسلِم عن أبي مرثد الغنوي قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لا تَجلِسوا على القبورِ ولا تُصلُّوا إِليها» [أخرجه مسلم (972)]. وقال ابن القيم في «زاد المعاد»: «نصَّ الإمام أحمد وغيره على أنه إذا دُفِن الميت في المسجد نُبِش» [زاد المعاد في هدي خير العباد لابن قيم الجوزية (3/572)]. وقال ابن القيم أيضًا: «لا يجتمع في دين الإسلام قبر ومسجد، بل أيُّهما طرأ على الآخر منع منه، وكان الحكم للسابق» [زاد المعاد لابن قيم الجوزية (3/572)]. وقال الإمام النووي: في «شرح الـمُهذَّب» (5/316) ما نصه: «اتفقت نصوص الشافعية والأصحاب على كراهة بناء مسجد على القبر، سواء كان الميت مشهورًا بالصلاح أو غيره؛ لعموم الأحاديث. قال الشافعي والأصحاب: وتُكره الصلاة إلى القبور، سواء كان الميت صالحًا أو غيره. قال الحافظ أبو موسى: قال الإمام الزعفراني: ولا يصلَّى إلى قبر ولا عنده تبركًا به ولا إعظامًا له؛ للأحاديث» [المجموع شرح المهذب للنووي (5/316، 317)]. وقد نص الحنفية على كراهة صلاة الجنازة في المسجد؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «مَن صَلَّى على جَنازةٍ في المسجِدِ فلا أجر له» [أخرجه أبو داود (3191)] . وعلَّل صاحب الهداية [البناية شرح الهداية، للعيني (3/229 – 231)] هذه الكراهة بعلتين: إحداهما: أن المسجد بني لأداء المكتوبات، يعني وتوابعها من النوافل والذِّكر وتدريس العلم، وإذا كانت صلاة الجنازة في المسجد مكروهة للعلة المذكورة كراهة تحريم كما هو إحدى الروايتين، وهي التي اختارها العلامة قاسم وغيره؛ كان الدَّفن في المسجد أولى بالحظر؛ لأنّ الدفن في المسجد فيه إخراج الجزء المدفون فيه عما جعل له المسجد من صلاة المكتوبات وتوابعها، وهذا مما لا شَكَّ في عدم جوازه شرعًا. والله أعلم». ترجمة المفتي: هو: الشيخ عبد المجيد سليم من مواليد عام (1882 م)، محافظة البحيرة، تخرَّج في الأزهر الشريف عام (1908 م)، حاملًا العالمية من الدرجة الأولى، وشغل وظائف التدريس، والقضاء، والإفتاء، ومشيخة الجامع الأزهر، ومكث في الإفتاء قرابة عشرين عامًا، وله من الفتاوى ما يربو على خمسة آلاف فتوى، وتولى مشيخة الأزهر مرتين، أُقِيل في أولاهما؛ لأنَّه نقدَ الملك، ثم استقال من المنصب في المرة الثانية في 17 سبتمبر 1952 م، وتوفي في صباح يوم الخميس (10 من صفر 1374 هـ / 7 أكتوبر 1954 م). حرمة الصلاة في المساجد ذات القبور وُجِّه إلى فضيلة الإمام الأكبر محمود شلتوت – رحمه الله – سؤال مفاده: توجد في بعض المساجد أضرحة ومقابر، فما حكم إقامتها؟ وما حكم الصلاة إليها؟ والصلاة فيها؟ أجاب فضيلة الشيخ محمود شلتوت – شيخ الأزهر الشريف – قائلًا [الفتاوى للإمام الأكبر محمود شلتوت]: تطهير بيوت العبادة: شُرعت الصلاة في الإسلام لتكون رباطًا بين العبد وربه، يقضي فيها بين يديه خاشعًا ضارعًا يناجيه، مستشعرًا عظمته، مستحضرًا جلاله، ملتمسًا عفوه ورضاه؛ فتسمو نفسه، وتزكو روحه، وترتفع همته عن ذل العبودية والخضوع لغير مولاه: ( إيَّاكَ نَعْبُدُ وَإيَّاكَ نَسْتَعِينُ ) [الفاتحة: 5]. وكان مِن لوازم ذلك الموقف، والمحافظة فيه على قلب المصلي، أن يُخلص قلبه في الاتجاه إليه سبحانه، وأن يُحال بينه وبين مشاهِد مِن شأنها أن تبعث في نفسه شيئًا مِن تعظيم غير الله؛ فيُصرف عن تعظيمه إلى تعظيم غيره، أو إلى إشراك غيره معه في التعظيم. ولذلك كان مِن أحكام الإسلام فيما يختص بأماكن العبادة تطهيرها من هذه المشاهد:( وعَهِدْنَا إلَى إبْرَاهِيمَ وإسْمَاعِيلَ أَن طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ والْعَاكِفِينَ والرُّكَّعِ السُّجُودِ ) [البقرة: 125]، ( وَإذْ بَوَّأْنَا لإبْرَاهِيمَ مَكَانَ البَيْتِ أَن لاَّ تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ ) [الحج: 26]، ( إنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ والْيَوْمِ الآخِرِ وأَقَامَ الصَّلاةَ وآتَى الزَّكَاةَ ولَمْ يَخْشَ إلاَّ اللَّهَ ) [التوبة: 18]، ( وأَنَّ المَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا ) [الجن: 18]. تسرب الشرك إلى العبادة: وما زَلّ العقل الإنساني وخرج عن فطرة التوحيد الخالص – فعبد غير الله، أو أشرك معه غيره في العبادة والتقديس – إلَّا عن طريق هذه المشاهِد التي اعتقد أنَّ لأربابها والثاوين فيها صلة خاصة بالله، بها يُقرِّبون إليه، وبها يشفعون عنده؛ فعظَّمها واتجه إليها واستغاث بها، وأخيرًا طافَ وتَعلَّق، وفعل بين يديها كل ما يفعله أمام الله مِن عبادة وتقديس. لا تتخذوا القبور مساجد: والإسلام مِن قواعده الإصلاحية أن يسد بين أهله ذرائع الفساد، وتطبيقًا لهذه القاعدة صح عن النَّبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إنَّ مَن كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألَا فلا تتخذوا القبور مساجد، إني أنهاكُم عن ذلك» [أخرجه مسلم (532)]، نهى الرسول صلى الله عليه وسلم وشدد في النهي عن اتخاذ قبور الأنبياء والصالحين مساجد، وذلك يصدُق بالصلاة «إليها»، والصلاة «فيها»، وأشار الرسول إلى أن ذلك كان سببًا في انحراف الأمم السابقة عن إخلاص العبادة لله، وقد قال العلماء: إنه لما كثُر المسلمون، وفكّر أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم في توسيع مسجده، وامتدت الزيادة إلى أن دخلتْ فيه بيوت أمهات المؤمنين، وفيها حجرة عائشة – مدفن الرسول صلى الله عليه وسلم وصاحبيه أبي بكر وعمر – فبنوا على القبر حيطانًا مرتفعة تدور حوله مخافةَ أن تظهر القبور في المسجد فيصلي إليها الناس، ويقعوا في الفتنة والمحظور. واجب المسلمين نحو الأضرحة: وإذا كان الافتِتَان بالأنبياء والصالحين، كما نراه ونعلمه شأن كثير مِن الناس في كل زمان ومكان، فإنه يجب – محافظةً على عقيدة المسلم – إخفاء الأضرحة مِن المساجد، وألا تُتَّخذ لها أبواب ونوافذ فيها، وبخاصة إذا كانت في جهة القبلة، فيجب أن تُفصَل عنها فصلًا تامًّا بحيث لا تقع أبصار المصلين عليها، ولا يتمكنون مِن استقبالها وهم بين يدي الله، ومِن باب أَوْلى يجب منع الصلاة في نفس الضريح، وإزالة المحاريب من الأضرحة. وإن ما نراه في المساجد التي فيها الأضرحة، ونراه في نفس الأضرحة، لما يبعث في نفوس المؤمنين سرعة العمل في ذلك؛ وقاية لعقائد المسلمين وعباداتهم مِن مظاهر لا تتَّفِق وواجب الإخلاص في العقيدة والتوحيد، ومِن هُنا رأى العلماء أنَّ الصلاة إلى القبر أيًّا كان مُحرَّمةٌ، ونهى عنها، واستظهر بعضهم بحكم النهي بطلانها؛ فليتنبه المسلمون إلى ذلك ، وليسرع أولياء الأمر في البلاد الإسلامية إلى إخلاص المساجد لله كما قال الله: ( وأَنَّ المَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا ) [الجن: 18]. ترجمة المفتي: هو: الشيخ محمود شلتوت من مواليد عام (1893 م)، بمنية بني منصور بمحافظة البحيرة، وقد تولي مشيخة الأزهر عام (1958 م)، وقد رحَّب بتوليه المشيخة العالم الإسلامي كله، تولى عدة مناصب منها عضوية هيئة كبار العلماء عام (1941م)، وعضوية المجمع اللغوي عام (1946م)، وعضوية المؤتمر الإسلامي عام (1957م)، وعضوية مجلس الإذاعة عام (1950م)، ومشيخة الأزهر عام (1958م)، وتوفي في (13 ديسمبر 1963م). تحريم إقامة الأضرحة وتشييد القبور تلقت لجنة الفتوى بالأزهر السؤال التالي: دفن «شخص» بطابق علوي ودفن قبل والده بالطابق الأرضي من المقبرة، ويُراد نقل الأول إلى مقام شُيِّد له، وبالأرض رطوبة ضاربة بالجدران ظاهرة للعيان حتى إنَّ الجدران لا تُمسِك مواد البناء فيها (الأسمنت)، فهل من أئمة المسلمين من يجيز نقل الميت بعد دفنه؟ أجابت لجنة الفتوى بالأزهر: «اطَّلَعت اللّجنة على هذا، وتفيد [فتاوى هامة لفتحي عثمان (ص12، 13) نقلًا عن جريدة الأساس]: بأنه إذا كان الحال كما ذكر به جاز نقل هذا الميت إلى مكان آخر، ولكن لا يجوز شرعًا نقله إلى ضريح أو قبة كما يصنعه بعض النَّاس لمن يعتقدون فيه الولاية والصلاح؛ فإن هذا نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فقد روى مُسلِم وغيره عن أبي الهياج الأسدي «حيان بن حصين» عن عليٍّ – رضي الله عنه – قال: «ألَا أَبعَثُكَ على ما بعثني عليه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، ألَّا تدعَ تمثالًا إِلَّا طَمَستَه، ولا قبرًا مُشرِفًا إِلّا سَوَّيتهُ» [أخرجه مسلم (969)]. وعن جابرٍ – رضي الله عنهما – قال: «نَهَى النَّبي صلى الله عليه وسلم أن يُجَصَّص القَبرُ، وأن يُقعَدَ عليه، وأن يُبنَى عليه»، رواه أحمد ومسلم والنسائي وأبو داود والترمذي وصححه [أخرجه مسلم (970)]. ولفظه – أي: الترمذي -: «نهى أن يبنى على القبر أو يزداد عليه أو يجصص أو يكتب عليه». قال الشوكاني في شرحه للحديث الأول: «ومِن رَفْع القبور الدَّاخل تحت الحديث دخولًا أوَّليًّا: القُبَبُ والمشاهدُ المعمورَةُ على القبور...»، إلى أن قال: «وكم سَرَى عن تشييد أبنية القبور وتحسينها مِن مفاسد يبكي لها الإسلام، منها اعتقاد الجَهَلة لها كاعتقاد الكفار للأصنام، وعَظُم ذلك، فظنَّوا أنَّها قادرةٌ على جَلْب النَّفع ودَفع الضَّرر؛ فجعلوها مقصدًا لطلب قضاء الحوائج، وملجأً لنجاح المطالِب، وسألوا منها ما يسأله العبادُ مِن ربِّهم، وشدُّوا إليها الرِّحال، وتمسَّحوا بها واستغاثوا، وبالجملة: فإنَّهم لم يدعوا شيئًا ممَّا كانت الجاهلية تفعله بالأصنام إلَّا فعلوه، فإنَّا لله وإنا إليه راجعون...» إلى آخر ما قال في صفحة 325 من الجزء الثالث. وجملة القول: إنَّ اللجنة ترى تحريم نقل هذا الميت إلى ضريح أو قبرٍ ذي قبة؛ للأحاديث التي ذكرها الشوكاني وغيره، وهي مفاسد تمس العقيدة وتخل بالإيمان الصحيح». هدم قبة على قبر سئل فضيلة الأستاذ الشيخ الإمام محمد عبده – رحمه الله – مفتي الديار المصرية: ضريح قديم عليه قُبة في شارع مطروق ليلًا ونهارًا، معرضة للبول والأقذار، وبجوار هذا الضريح مسجد منسوب لصاحبه، وفي هذا المسجد باب لذلك الضريح، فهل يجوز هدم القبة ونقل الضريح إلى داخل المسجد أو يبقى في محله؟ أجاب الشيخ محمد عبده [فتاوي دار الإفتاء برقم (594) بتاريخ (28 ذي الحجة 1319 هـ)]: «المروي عن الإمام أبي حنيفة أن بناء بيت أو قبة على القبر مكروه [حاشية ابن عابدين (2/238)]، وهو يدل على أن لا بأس بهدم القُبة المذكورة، بل إنَّه الأَوْلَى، فإذا كانت تجتمع حولها القاذورات واعترضت في الطريق تأكدت الأولوية، أما موضع القبة وهو الضريح فيسوى بأرض الشارع لأنه لو فُرض أنَّ تحته ميتًا مدفونًا فقد بلي، فيجوز استعمال أرضه في غير الدَّفن. والله أعلم». ترجمة المفتي: الشيخ محمد عبده من مواليد (1849 م) في إحدى قرى مديرية البحيرة، وفي مكتب القرية حفظ القرآن الكريم، وتعلم القراءة والكتابة، ثم انتقل إلى الجامع الأزهر بالقاهرة، تولى منصب القضاء في (1888 م)، فعُيِّن نائب قاضٍ في محكمة بنها، ثم رقِّي قاضيًا من الدرجة الثانية، ثم الدرجة الأولى، وعُيِّن مفتيًا للدِّيار المصرية في (1899 م)، وتوفِّي بالإسكندرية عام (1905م).