عاجل

  • الرئيسية
  • تقارير
  • التعاون الاقتصادي ومكافحة الإرهاب أهم ملفات السيسي في الهند

التعاون الاقتصادي ومكافحة الإرهاب أهم ملفات السيسي في الهند

تأتي زيارة الرئيس السيسي للهند، والتي تبدأ غدًا الخميس، الأول من سبتمبر، وتستمر ثلاثة أيام، لتؤسس آفاقًا رحبة للعلاقات بين البلدين في مختلف المجالات، وخاصة المجالات الاقتصادية والتكنولوجية، بعد أن رشحت العديد من التقارير الدولية الهند لأن تكون أكبر قوة آسيوية خلال العقد القادم، في وقت تخطو فيه مصر خطوات جادة وحقيقية نحو الإصلاح الاقتصادي وسط تقلبات اقتصادية عالمية تركت بصماتها على مختلف الاقتصادات الدولية.

وتتميز العلاقات بين مصر والهند بالاستمرارية إذ لم تتوقف يوما ما ولم تشوبها أي عقبات، وتتنوع مجالات التعاون بين السياسة والاقتصاد والثقافة والتكنولوجيا والأمن ومكافحة الإرهاب.

وتنبع أهمية الزيارة لما تمثله الهند من نموذج يمكن أن تستفيد منه مصر في العديد من الجوانب، فالهند تقدم نموذجا لبناء مؤسسات ديمقراطية مستقرة تستطيع استيعاب التنوع السياسي كما تقدم نموذجا لتبنى سياسات إصلاح اقتصادى ناجحة تعتمد على القطاع الخاص وآليات السوق وهو ما تطبقه الآن حكومة رئيس الوزراء مودى بعد التخلى عن السياسات الاشتراكية التي تبناها حزب المؤتمر لعقود طويلة.

واستمرت العلاقات التجارية والاستثمارية بين مصر والهند وغيرها من أوجه التعاون الثنائي في التطور والنمو خلال الأعوام الماضية، حيث شهد البلدان انعقاد اللجنة التجارية المشتركة ومجلس الأعمال المصري الهندي المشترك بالقاهرة في مارس 2016 وواصلت الشركات الهندية الذي يقدر عددها بنحو خمسين شركة عملها وتعزيز استثماراتها في مصر بشكل مطرد، وأعلنت شركة سانمار أكبر الاستثمارات الهندية في مصر عن زيادة رأس مالها المستثمر بنحو 300 مليون دولار لتصل إجمالي استثمارات الشركة في مصر إلى نحو 1، 5 مليار دولار في حين بلغ إجمالي حجم الاستثمارات الهندية في مصر حاليا قرابة ثلاثة مليارات دولار، وبلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين خلال العامين الماضيين نحو أربعة مليارات دولار.

وتدفع زيارة الرئيس السيسي للهند العلاقات الاقتصادية بين البلدين دفعات قوية نحو الشراكة الاقتصادية، خاصة بعد إعلان الهند زيادة استثماراتها في مصر خلال السنوات القادمة نتيجة العلاقات المتميزة بين البلدين والإصلاحات الاقتصادية التي تنفذها مصر حاليا، فضلًا عن أن الشركات الهندية العاملة في مصر ساهمت في توفير نحو ٣٥ ألف فرصة عمل وأسهمت في نقل التكنولوجيا في العديد من المجالات من بينها الأدوية الخاصة بمكافحة مرض الكبد الوبائى المنخفضة التكاليف بجانب خلق فرص مواتية عديدة للشركات الهندية بالسوق المصرية من بينها الرعاية الصحية وتكنولوجيا المعلومات والفضاء خاصة أن المستثمرين الهنود ينظرون إلى مصر على أنها سوق كبيرة مواتية على المدى الطويل وتتركز غالبية الاستثمارات الهندية في المناطق المتاخمة لقناة السويس كالإسماعيلية والسويس وبورسعيد.

ولا شك أن هذه الزيارة تمهد الطريق للاهتمام المصري بفتح المجال أمام تعزيز التعاون الفني في عدد من المجالات للاستفادة من تجارب الهند في تشجيع المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر والتقدم الذي أحرزته في مجالات الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والطب والصناعات الدوائية وتكنولوجيا الفضاء والتعليم وبخاصة التعليم المهني وتكنولوجيا تدوير المخلفات ومنها المخلفات الإلكترونية وصناعة الوقود الحيوي، حيث تمتاز التكنولوجيا التي تتبناها الهند بتكلفتها الاقتصادية المقبولة مقارنة بدول أخرى كما تهدف الزيارة إلى تعزيز حركة السياحة الهندية إلى مصر.

وفي ظل تأكيد الهند بأنها شريك رئيسى للدول العربية والأفريقية في كل المجالات، فقد أجرت الحكومة الهندية مباحثات مع الجامعة العربية لبحث سبل تعزيز التعاون الإستراتيجي مع الدول العربية وتطورات الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط وبخاصة التعاون مع مصر في مجال مكافحة الإرهاب الذي يهدد البلدين.

وفي هذا الإطار زار نائب مستشار الأمن القومي الهندي القاهرة في يوليو 2015، وزارت مستشارة الأمن القومي المصري فايزة أبو النجا نيودلهي في ديسمبر 2015، كما انعقد الاجتماع الأول لمجموعة العمل المشتركة لمكافحة الإرهاب بين مصر والهند بنيودلهي في يناير 2016، الأمر الذي يرشح التعاون الأمني ليكون أحد دعائم تعزيز العلاقات الثنائية خلال الفترة القادمة في ظل تصاعد خطر الإرهاب ووجود صلات بين الجماعات والتنظيمات الإرهابية في الشرق الأوسط وجنوب آسيا وبخاصة في ضوء القلق الهندي من انعكاسات النشاط الملحوظ بتنظيم القاعدة في شبه الجزيرة الهندية بباكستان وبنجلاديش وتنظيم داعش الإرهابي الذي نفذ عددا من الهجمات الإرهابية مؤخرا ببنجلاديش والذي تزامن مع قيام السلطات الهندية بإلقاء القبض على عدد يقدر بالعشرات ممن يشتبه في انتمائهم لداعش خلال العام الجاري.

والمتابع لمسيرة العلاقات بين مصر والهند منذ خمسينيات القرن الماضي، يلاحظ أنها علاقات إستراتيجية ومتشعبة وثابتة، وسوف تزداد رسوخا، علمًا بأن اتفاقية التجارة الثنائية بين الهند ومصر السارية منذ شهر مارس ١٩٧٨ ترتكز على أساس مبدأ الدولة الأولى بالرعاية، حيث زاد حجم التجارة الثنائية بين الجانبين لأكثر من خمسة أمثالها خلال الأعوام العشرة الماضية.

ورغم التباطؤ الذي شهده الاقتصاد العالمى ارتفعت قيمة التجارة الثنائية بين البلدين بنسبة ٤٣٪ خلال السنوات الخمس الماضية من ٣.٣ مليار دولار عام ٢٠١٠-٢٠١١ إلى ٤.٧٦ مليار دولار العام ٢٠١٤ ـ ٢٠١٥، حيث بلغت قيمة صادرات الهند إلى مصر ٣.٠٢ مليار دولار بينما بلغت قيمة واردات الهند من مصر ١.٧٤ مليار دولار، وبهذا تعد الهند ثالث أكبر مستورد من مصر بعد إيطاليا والمملكة العربية السعودية وعاشر أكبر مصدر لها.

اقرأ أيضاً