عاجل

"مصاطب العلم".. خط الدفاع الأول عن المسجد الأقصى



مع إشراقه كل صباح تضج ساحات المسجد الأقصى بمئات الفلسطينيين ذكوراً وإناثاً من فئات عمرية متنوعة ينضمون إلى حلقات علم مختلفة، تسعى لإحياء الدور العلمي لقبلة المسلمين الأولى .

ويطلَق على الحلقات التعليمية اسم "مصاطب العلم" وهي مشروع يزخر بزخم من التراث التاريخي والعراقة تعود جذورها لـ30 مصطبة علمية في العهد العثماني، قبل أن تتوقف ليعاد تفعيلها كلما استشعر الفلسطينيون حالة خطر يحدق بالمسجد الذي يحظى بتقديس كبير لدى المسلمين في العالم.

وتقوم فكرة إحياء دروس ومصاطب العلم في المسجد الأقصى على إعادة دور ورسالة المسجد الأقصى في توعية الناس، ونشر العلم والدعوة إلى الله، بالإضافة إلى ترشيد وجود الناس وحثهم على التواجد داخل المسجد بعد الصلوات، وعدم الانفضاض وترك المسجد خاليًا.

 

وبدأت مؤسسة الأقصى لإعمار المقدسات الإسلامية بإحياء دروس مصاطب الأقصى عام 2000/2001م، حتى أقدمت سلطات الاحتلال على إغلاق المؤسسة، فتولت مؤسسة "عمارة الأقصى والمقدسات" رعاية المشروع حتى الآن.

 

ويسهم هذا المشروع في الحفاظ على رباط دائم ومستمر للمصلين في الأقصى للحيلولة دون نجاح مخططات الاحتلال لاستغلال فترات تضاؤل أعداد المصلين، خاصة في الفترة الصباحية، بين الفجر والظهر، في إدخال المستوطنين اليهود إلى المسجد لدعم أسطورة "الهيكل".


وتضم مصاطب العلم عشرات الطلبة من الرجال والنساء موزعين على حلقات علمية متنوعة تعبر عن مشروع يزخر بزخم من التراث التاريخي والعراقة تعود جذوره لثلاثين مصطبة علمية في العهد العثماني، تم تفعيلها في السنوات الأخيرة ضمن حالة الاستنهاض في مواجهة سياسة التهويد الاحتلالية .

وقال أحد المشرفين الميدانيين على حلقات العلم، إن مصاطب العلم "تحقق هدفين أساسيين أولهما إحياء دور المسجد الأقصى في الإشعاع المعرفي والديني كما كان في السابق منارة علمية تستقطب طلبة العلم والعلماء، إلى جانب ضمان تواجد أعداد كبيرة لإفشال أي محاولة للمساس بالمسجد من قبل متطرفين يهود يحاولون هدم المسجد وإقامة ما يعرف بهيكل سليمان".

وأكّد أن "مصاطب العلم والمشاركين فيه يمثلون قاعدة أساسية لمواجهة أية مخططات تهويد وإفشال الاقتحامات والاعتداءات التي تستهدف المسجد".

وتتنوّع الدروس التي يتلقاها طلبة العلم وهم من فئات عمرية مختلفة ومن الجنسين، بين موضوعات العلم الشرعي في الحديث الشريف والسيرة النبوية والتفسير والثقافة الإسلامية والفقه وتنفتح على بعض العلوم الأخرى كاللغة العربية والرسم.

وقال حكمت نعامنة، مدير مؤسسة عمارة الأقصى والمقدّسات القائمة على المشروع، تأخذ مصاطب العلم نمطاً تقليدياً بسيطاً، يتحلّق المشاركون حلقات حول الشيخ أو المدرّس الذي يعطي الدرس في الهواء الطلق تحت ظلال الأشجار ويجلسون على كراسي بلاستيكية أو يفترشون الأرض في ساحات المسجد الأقصى الواسعة.
وأوضح نعامنة أن "مشروع مصاب العلم بدأ بـ30 طالباً وطالبة، واليوم يضم أكثر من 600 من الطلبة يتوافدون على المسجد من الأحد إلى الخميس ليدرسوا العلوم المختلفة على أيدي كوادر من المدرّسين والعلماء".

ويتنامى الاهتمام بمصاطب العلم وإحيائها كلما استشعر الفلسطينيون تزايد المخاطر التي تستهدف المسجد، وبدا ذلك عندما تم تفعيل هذه الحلقات عام 2001 في بداية ما يعرف بـ"انتفاضة الأقصى" كردّة فعل على زيارة رئيس الوزراء الصهيوني الأسبق أرئيل شارون، قبل أن يتراجع الاهتمام لاحقاً إلى أن تم زيادة التفاعل والإحياء من جديد خلال السنوات الثلاث الماضية.

ويشتكي القائمون على مشروع مصاطب العلم من المضايقات الصهيونية، التي وصلت إلى حد منع بعضهم من دخول المسجد الأقصى وتقديمهم للمحاكمة، فضلاً عن ملاحقة المعلّمين والطلبة.

وقال نعامنة إن أغلب القائمين على هذا المشروع ممنوعون من الدخول للمسجد، بالإضافة للتضييق عليهم بمحاكمة بعضهم ونفي بعضهم عن القدس، والتشديد على الطلبة الداخلين للمسجد بالتدقيق في بطاقاتهم ومنعهم من الدخول.

وأضاف أن "الاحتلال ضاق ذرعاً بمشروع مصاطب العلم ومواقف طلابه وطالباته في التصدي للاقتحامات وإفشال مشاريع التهويد تجاه المسجد الأقصى المبارك"، معتبراً أن "كل ممارسته هي دليل على إفلاسه وفشله في تحقيق أهدافه".

ويقوم طلبة المصاطب بدور أساسي في اعتراض اقتحام الجماعات اليهودية المتشدّدة للمسجد الأقصى، من خلال الاحتجاج عبر هتافات التكبير واعتراض الجماعات اليهودية ومنعهم من التقدّم .

"مصاطب العلم".. خط الدفاع الأول عن المسجد الأقصى
"مصاطب العلم".. خط الدفاع الأول عن المسجد الأقصى
"مصاطب العلم".. خط الدفاع الأول عن المسجد الأقصى
"مصاطب العلم".. خط الدفاع الأول عن المسجد الأقصى
"مصاطب العلم".. خط الدفاع الأول عن المسجد الأقصى