عاجل

بعد مؤتمر اليوم ..الأزمة بين الرئاسة و القضاء .. إلى أين؟

المؤتمر الدولي لحماية استقلال القضاء المصري

تتصاعد الأزمة يوما بعد يوم بين مؤسسة الرئاسة و مجلس الشورى من جانب و بينرمؤسسة القضاء من جانب أخر , فمع إصرار الرئاسة على عقد مؤتمر العدالة لجمع شمل القضاة و تخفيف حدة الاحتقان بينها و بين السلطة القضائية , وعزم مجلس الشورى على إصدار قانون السلطة القضائية بمنأى عن القضاة أنفسهم جاء تعليق المجلس الأعلى للقضاء الأعمال التحضيرية للمؤتمر احتجاجا على مناقشة مجلس الشورى للقانون فيما أعلن نادي القضاة رفضه المشاركة بالمؤتمر نهائيا . لم يكن مشروع قانون السلطة القضائية بداية الأزمة بين الرئاسة و القضاة، و لكنه يمثل حلقة جديدة في الصراع بين المؤسستين تعود بداياتها إلى نوفمبر من العام الماضي بعد إصدار الرئيس محمد مرسي للإعلان الدستوري الذي فجر غضب القضاة و أشعل فتيل الأزمة و الصراع بين السلطتين خاصة مع حصار أعضاء جماعة الإخوان للمحكمة الدستورية , و إقالة النائب العام السابق , و تعيين المستشار طلعت إبراهيم بدلا منه . امتدت حلقات الصراع بين الرئاسة و القضاء عدة أشهر بزعامة نادي القضاة الذي يقوده المستشار أحمد الزند و قضاة مبارك , و كان الزند بمثابة النجم الساطع في الصراع بتصريحاته النارية و هجماته العنترية على الرئاسة و مجلس الشورى و التشكيك في شرعيته , في الوقت الذي حاولت فيه الرئاسة تهدئة الأجواء و المبادرة بحل الأزمة عن طريق عقد مؤتمر العدالة في محاولة منها لرأب الصدع بينها و بين جمهور القضاة إلا إن تعجيل مجلس الشورى بمناقشة قانون السلطة القضائية و إصداره بمنآي عن آراء القضاة أصحاب الشأن جعل من إقامة المؤتمر بالوقت الحالي أمرا مستحيلا . و تزامنا مع اقتراب مجلس الشورى من مناقشة قانون السلطة القضائية عقد نادي القضاة مؤتمرا دوليا بعنوان " المؤتمر الدولي لحماية استقلال القضاء المصري " بحضور جيرارد رايسنر رئيس الاتحاد الدولي للقضاة , و عدد من شيوخ القضاة وكبار الرموز الوطنية , سعيا في تدويل أزمة قضاة مصر . و تعالت تصريحات الزند بالمؤتمر لتؤكد أن القضاء لن يستسلم ولن يخضع أبدا لأحد مهما كان الأمر، واعتبر ما يحدث من مجلس الشورى محاولة انتقامية من القضاة، و "عك" الهدف منه إقصاء شيوخ القضاة . كما حذر سامح عاشور- نقيب المحامين - القضاة من أن ينجروا في حوار مع مجلس الشورى الساقط دستوريا علي حد وصفه مشيرا إلي أن هذا القانون سيذبح 3 آلاف قاضي لاستبدالهم بـ 3 آلاف محامي إخواني . و لم يعد الصراع مقتصرا على طرفي التخاصم بل أصبح لكلٍ من يؤيده و يدعمه في مواجهة الآخر , فانقسمت الأحزاب و الحركات السياسية بين الطرفين , مع استغلال البعض الآخر للأزمة بين المؤسستين من أجل تحقيق مكاسب سياسية و إقصاء فصائل أخرى من المشهد ,في الوقت الذي التزمت فيه بعض القوى السياسية الأخرى تجنب النزاع و المبادرة بتهدئة الأجواء و لعل أبرز من انتهج هذا المنحى حزب النور , و الذي أكد موقفه على لسان رئيس كتلته البرلمانية بمجلس الشورى الدكتور عبد الله بدران والذي طالما اكد ثبات موقف الحزب علي تأجيل مناقشة قانون السلطة القضائية المعروض الآن على مجلس الشورى، موضحا أن رأي الحزب يرتكز على المادة "169" من الدستور التي تنص على عرض القوانين التي تخص السلطات القضائية على القضاء قبل إقرارها. وفي حين يأتي حزب الحرية و العدالة,الذراع السياسي لجماعة الإخوان المسلمين , و معه حزب الوسط على رأس المتمسكين بعرض مشروع القانون على مجلس الشورى في أقرب وقت ممكن متجاهلين النداءات المطالبة بتهدئة الأجواء ..لا ىزال المشهد مضطربا , و يبدو أن الأيام القادمة ستشهد انفراجا للأزمة , فالوطن لا يحتمل مزيدا من الفرقة و الصراع , كما أن النزاع بين سلطات الدولة الثلاثة ( التنفيذية و التشريعية و القضائية ) ينذر بعواقب وخيمة لا يظن أن عاقلا ينبض قلبه بحب الوطن قبل بنتائجها.