عاجل

مستقبل اقتصاد منطقة اليورو.. مؤشرات سلبية وإشارات إيجابية

تعكس حالة التناقض بين المتفائلين والمتشائمين بشأن مستقبل الركود الاقتصادي في منطقة اليورو الطبيعة المزدوجة عدد من المؤشرات السلبية والإيجابية الخاصة بإمكانية تجاوز دول المنطقة لتراجع نسب النمو في الناتج المحلي الإجمالي من جانب، وعودة جزء من الحيوية الاقتصادية للدول التي لديها برامج أوروبية ودولية للإنقاذ الاقتصادي من جانب آخر، حيث أن اقتصاد هذه المنطقة ينعكس بقوة على الاقتصاد العالمي برمته، ولأن ثمة العديد من الدول العربية مثل مصر ودول المغرب العربي تعد من أبرز الشركاء التجاريين لأوروبا. ويرى فريق من الخبراء الاقتصاديين الأوروبييين والأمريكيين أن التشاؤم يكاد يكون هو السمة المميزة لمستقبل اقتصاد منطقة اليورو، إذ تشير التقارير الإحصائية الصادرة عن بعض الوكالات الاقتصادية الأوروبية مؤخرا إلى أن حالة ركود النشاط الاقتصادي الأوروبي لاتزال مستمرة بقوة، وأنها تمتد في أنحاء منطقة اليورو مع انضمام فرنسا لكل من إسبانيا وإيطاليا خلال الربع الأول من العام الجاري، وانخفاض الناتج المحلي الإجمالي في أوروبا خلال الأشهر الأربعة الأخيرة بنسبة 2ر0%، وذلك بعد انخفاض بلغ 6ر0% خلال الربع الأخير من 2012، ليتواصل بذلك الانخفاض لمدة عام ونصف. وحتى في ألمانيا يكاد الناتج الإجمالي ينمو بنسبة ضئيلة للغاية لم تتجاوز 1ر0% خلال هذه الأشهر الأربعة، وذلك بعد انخفاض بلع 7ر0% في الربع الأخير من 2012، وتكاد ألمانيا تشبه في ذلك ولاية كاليفورنيا الأمريكية التي تنجو دون سائر الولايات الأخرى من تراجع نسبة نمو الناتج الإجمالي. وفي فرنسا يشبه وضع الاستثمار حجرا يغرق في المياه ببطء، فقد انخفض الإنفاق في القطاعات غير المالية بنسبة 8ر0% خلال نفس الفترة، وذلك بعد انخفاض بلغ 7ر0% في نهاية العام الماضي، مما يؤكد على أن الإصلاحات في سوق العمل غير كافية، وأن سياسة الحمائية التي تتبعها الحكومة الاشتراكية، مع ارتفاع قيمة اليورو بقيمة أكبر من نمو الاقتصاد الفرنسي، يؤدي إلى ضعف وتراجع الاستثمارات. وبالرغم من أن إنفاق المستهلكين لا يزال مستقرا في فرنسا نسبيا، لكن إجراءات التقشف وضعف الإنفاق الاستثماري قد هبط بالدخل القومي بنسبة 2ر0% في الربع الأول من العام الجاري بعد خسارة مماثلة في الربع الأخير من العام الماضي. وتشير بيانات الحكومة الإيطالية إلى ذات النغمة الحزينة السابقة، فقد انخفض الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 9ر0% في الأشهر الأربعة الأخيرة بعد انخفاض وصل 9ر0% بنهاية العام الماضي، كما أن معدلات البطالة ذات المستويات القياسية المرتفعة في كل من إسبانيا واليونان لا تزال مستمرة. وخارج منطقة اليورو تنجو المملكة المتحدة من الركود بصعوبة بالغة، فلم يتجاوز معدل النمور خال الربع الأول من العام الجراي نسبة 3ر0% فقط، وذلك بعد انخفاض بنفس نسبة الزيادة تلك في الربع الأخير من العام الماضي. ويعتقد فريق المتشائمين أن ثمة تساؤل يسود حاليا حول تجربة العملة الأوروبية الموحدة، والتي تضع تأثيرات سلبية كبيرة في وقت الأزمات، وكذلك بشأن تدابير التقشف الرديئة التي تجري دون إصلاحات ملحوظة في أسواق العمل والإجراءات العرجاء لجذب الاستثمارات. ومن جانب آخر، لا يبدو أن خطوات الإصلاحات المالية والبنكية والاقتصادية في دول المنطقة، بما يشمله ذلك من خفض الأجور واتباع بعض السياسات الحمائية كتلك التي تفرضها الحكومة الاشتراكية في فرنسا، تشجع على جذب الاستثمارات بما قد يسهم في عدم معاناة كافة دول المنطقة ذات العملة الموحدة من حالة الركود الاقتصادي. وعلاوة على ذلك يشير البعض إلى أن الفترات الطويلة من الركود وتراجع الإنفاق الرأسمالي سيترك الصناعة الأوروبية، لاسيما في دول الجنوب الأوروبي، بشكل مستمر غير قادرة على المنافسة، وإذا ما استمر ذلك لوقت طويل فقد ينهار قطاع الصناعة في الوقت الذي بدأت فيه معظم الاقتصادات الآسيوية القوية مثل كوريا الجنوبية والصين ترفع مستويات الفرد فيها نتيجة للنمو الصناعي، مما قد يجعل متوسط الدخل القومي للفرد في هذه الدول يتجاوز أوروبا خلال فترة وجيزة. أما المتفائلون من خبراء الاقتصاد الأوروبي فيعتقدون أن المؤشرات السابقة تشير إلى أن الانكماش الاقتصادي في الربع الأول من العام الجاري لم يكن بذات حدة التراجع كما كان عليه في الأشهر الستة السابقة، وأن ثمة أرقام أساسية تدل على أن أوروبا على طريق الربيع الاقتصادي مرة جديدة، وأن ثمة آفاق تشير إلى اقتراب تخلص سماء الاقتصاد الأوروبي من العواصف والغيوم.