عاجل

  • الرئيسية
  • تقارير
  • مصر تحت رحمة أثيوبيا ... سد النهضة بناءه كارثة و إنهيارة مهلكة

مصر تحت رحمة أثيوبيا ... سد النهضة بناءه كارثة و إنهيارة مهلكة

صورة أرشيفية

"مصر هبة النيل" تلك المقولة التى أطلقها هيروددت بعد زيارته لمصر منذ أكثر من ألفي عام وتناولتها الأجيال على مر العصور، حيث لعب النهر الخالد الدور الأول والرئيسى فى الحضارة المصرية القديمة وفى الحياة على ضفاف هذا النهر منذ العصور الأولى للحياة فى مصر حتى قدسه الفراعنة لأنهم أعتبروه رمزا للحياة. فمنذ عصر الفراعنة وحتى الآن لم يجرؤ بشر على العبث بتلك النعمة الإلهية التى أنعم الله بها على المصريين وجميع الدول التى تقع على ضفافه إلى أن جاءت إحدى دول النيل لتعمل على حرمان مصر منه والقضاء على حضارة المصريين التى أقيمت على ضفافه. فالمصريون يرون أن قيام إثيوبيا ببناء سدود على النيل الأزرق فيه القضاء المبرم عليهم وعلى دولتهم. فمشكلة سدود إثيوبيا قديمة ولم يتعامل معها النظام السابق بشدة وحزم حتى تجرأت أديس أبابا بنقض المواثيق والمعاهدات التى أبرمتها دول حوض النيل منذ سنين طويلة حول تقسيم حصص الدول لمياة النيل والتى تنص على عدم العبث بمجرى النهر أو إقامة أى مشاريع عليه إلا بموافقة باقى أعضاء دول الحوض الموقعة على هذة الاتفاقيات بما لا يضر بمصلحتها أو الأنتقاص من نصيبها وهذا ما أقدمت عليه إثيوبيا بعدما أعلنت اليوم البدء فى تحويل مجرى النيل الأزرق أهم شريان مائى لنهر النيل حيث يغذى النهر بحوالى 85% من إيرادات المياة. ويعتبر تحويل مجرى النيل الأزرق البدء الفعلى فى بناء سد "النهضة" الإثيوبى الذى سيتسبب فى نقص نصيب مصر من مياة النيل وقد يتسبب فى تبوير حوالى مليون فدان من الأراضى المصرية، وفقا لخبراء الري المصريين. وتأتى هذة الخطوة من جانب الجمهورية الإثيوبية بعد ساعات قليلة من انتهاء زيارة الدكتور محمد مرسى، رئيس الجمهورية المصري، لأديس أبابا عقب مشاركته فى اجتماع القمة الأفريقية الحادية والعشرين. وقال سيناوا بقلى، مدير مشروع سد "النهضة" للتليفزيون الأثيوبيى، إن جميع الاستعدادات والترتيبات أكتملت لتحويل مجرى النيل الأزرق، مضيفاً أن عملية بناء السد هى مرحلة متقدمة فى المشروع. فخطورة بناء سد النهضة على مجرى النيل الأزرق وتأثيره على حصة مصر من المياة والعبث بها سيؤدى لكوارث كبرى لن يتم تداركها بعد إقامة هذا السد الضخم الذى يصوره الخبراء بأنه كارثة لمصر والذى قد يعقبه بناء سدود أخرى فى إثيوبيا ودول الحوض الأخرى إذا لم تتخذ مصر خطوات حاسمة، وقد تباينت آراء المسئولين والخبراء المصريين حول خطورته. الدكتور محمد بهاء الدين، وزير الموارد المائية والرى، قال إن قرار إثيوبيا بتحويل مجرى النيل الأزرق مجرد إجراء هندسى يهدف إلى إعداد الموقع لبدء عملية إنشاء سد النهضة ولن يؤثر على وصول المياة لمجراها الطبيعى وعرقلته، مضيفاً أن مصر تنتظر تقرير اللجنة الثلاثية المشكلة لدراسة تأثير السد على حصة مصر والسودان من مياة النيل وأن مصر لديها كل الخيارات فى التعامل مع ما سينتهى إليه تقرير اللجنة. فيما قال محمد إدريس، سفير مصر بإثيوبيا، إن إقدام الحكومة الإثيوبية على القيام بهذة الخطوة ليست مفاجأة لمصر أو السودان لأنه كان من المقرر البدأ فى تغيير مجرى النيل الأزرق فى نوفمبر من العام الماضى وتم تأجيلها لأسباب فنية تتعلق بعماية الإنشاءات الخاصة فى موقع منطقة إقامة السد مضيفاً أنه لايوجد صلة بين زيارة الرئيس وتغيير مجرى النهر لأنه كانت عملية التغيير مؤجلة حيث أنها معلن عنها قبل الزيارة وأن الربط بينهما غير صحيح. وأضاف أن تأثيرات السد على مصر ليست فى تغيير مجرى النهر لأن المياة القادمة نفس الكمية والفاروق هو تغيير المسار فقط وإنما هى فى تبعات إقامة السد التى ستؤثر على نصيب مصر من مياة نهر النيل، مؤكداً أن اللجنة الثلاثية أجتمعت اليوم فى أديس أبابا لبحث عقبات هذا الموضوع حيث أن هذه المشاريع العملاقة تأخذ سنوات طويلة لأقامتها ودراستها تحتاج إلى خبراء ومتخصصين لقيامهم بإعداد دراسة وافية قائمة على تقييم علمى وموضوعى لأنها ذات طابع فنى معقد. وأكد إدريس أن اللجنة الثلاثية ستقوم بإعداد تقرير شامل عن السد وعقباته وبنائاً على نتيجته ستتحرك القيادة السياسية. وقال الدكتور محمود أبو زيد وزير الموارد المائية والرى الأسبق: أن موضوع سد النهضة موضوع هندسى يعتمد على تغيير مجرى النهر لإقامة الأساسات والخراسانات الخاصة بالسد، مضيفاً أن مصر قد قامت بنفس الخطوة عند إقامة السد العالى حيث قامت بإنشاء قناة فرعية لتحويل مجرى النهر وتجفيفه حتى تتمكن من إقامة هذة الإنشاءات وأن ما تقوم به إثيوبيا أمر طبيعى لإقامة السد. وأضاف أبوزيد أن الخطورة الحقيقة من هذا السد ليست فى تغيير مجرى النيل الأزرق وأنما هى تبعاته التى ستؤثر على نصيب مصر والسودان من مياة نهر النيل دون النظر إلى أولويات وأحتياجات دول المصب ودون الرجوع للجنة الثلاثية التى تم تكوينها من الدول الثلاث "مصر والسودان وإثيوبيا" لتقديم تقرير حول السد ونتائجه العكسية على دول المصب. وأكد على ضرورة وجود وسيط دولى يعمل على محاولة تقارب وجهات النظر بين مصر والسودان من جهة وإثيوبيا من جهة أخرى والمضى بأسرع ما يمكن فى العمل على المزيد من اللقاءات بين قيادات الدول الثلاث لبحث العقبات السلبية لهذا السد على دولتى المصب. وأكد الدكتور محمد إبراهيم منصور مدير مركز دراسات المستقبل: أنه من الطبيعى أن تستغل إثيوبي الفترة التى أنشغل فيها المصريين بالصراعات السياسية الدائرة فى مصر بين الئاسة والمعارضة وإهمالهم لخطورة سدود إثيوبيا التى ستقضى على الجميع حيث أن قضية النيل مصيرية وتعتبر مسألة "حياة أو موت للمصريين". وقال منصور لابد من إتخاذ خطوات سريعة وجادة فى إدارة تلك الكارثة الكبرى التى ستعصف بالجميع وضرورة مخاطبة الجانب الإثيوبى لمخاطر هذا السد وما تقدم عليه من تغيير مجرى النيل الأزرق الذى يمد مصر بحوالى 85% سنوياً من مياة النيل القادمة لمصر, مضيفاً أنه لابد من التحرك على المستوى الدولى حيث أن المعاهدات المبرمة بين دول حوض النيل تصب فى صالح دول المصب بعد خرق إثيوبيا لتلك المعاهدات والمواثيق الدولية التى تنص على عدم إقامة أى مشاريع أو سدود على المجرى النهرى إلا بموافقة جميع الدول خصوصاً دول المصب صاحبة المصلحة فى حالة تضررها من هذة المشاريع وهذا ما نقضته إثيوبيا وتجاهلها لتلك الحقوق لباقى الدول فى النهر. وأضاف أنه لابد على دولتى المصب "مصر والسودان" أن تتحركا سوياً دولياً لمخاطبة المجتمع الدولى والضغط على إثيوبيا مراعلة مصالح دول المصب التى ستخسر كثيراً من سدودها التى ستقضى عليهما لأن مسألة المياة إليهم مسألة "حياة أو موت"للبلدين. وقال منصور لابد من مقاطعة منتجات الدول التى تساعد إثيوبيا وتدعمها فى إقامة هذا السد وفي مقدمتها الصين وإيطاليا وإسرائيل، خصوصاً أن هناك عروض من الصين وإسرائيل لشراء الكهرباء من إثيوبيا وتصديرها لباقى الدول المجاورة. وقال الدكتور عباس شراقى الأستاذ بمعهد البحوث الأفريقية إن المعهد قام بعمل عدة دراسات على مشاريع المياة بإثيوبيا وسد النهضة على وجه التحديد وما يحدث الآن من تحويل المجرى النهرى للنيل الأزرق، مضيفاً أنه لا يتم تحويله إلى مجرى نهرى أخر أو دولة أخرى بل تم إنشاء قناة فرعية للنهر تمر بجانبه بحيث تمر المياة مرة أخرى لمصر والسودان, حتى يتم إخلاء المجرى الرئيسى من المياة لعمل البنية الأساسية من أساسات السد الخرسانية وهى عملية هندسية, فهذة عملية مؤقتة وبعد الانتهاء من السد سوف يتم إعادة المياة للمجرى الطبيعى للنهر. وأضاف شراكى أن مخاطر السد تكمن فى المغالاة فى ارتفاع السد والمخزون المائى خلفه, حيث تم عمل دراسة أمريكية للسد منذ سنة 1964، والتى أوصت بأن يكون أرتفاع السد 185م بسعة مخزونية 11.1مليار متر مكعب من المياة ولكن إثيوبيا غالت فى حجم ومواصفات السد من الناحية العلمية ولم تراعى حجم السد الضخم مع ظروف الطبيعة وجيولوجيا التربة فى الهضبة الإثيوبية، حيث بلغ ارتفاعه أكثر من مماحددته الدراسة الأمريكية وكذلك السعة التخزينية له التى تتراوح من 75 إلى 80 مليار متر مكعب من المياه، وبالتالى فإن الخطورة كامنة فى إقامة مشروع ضخم يزن ملايين الأطنان وأعلى من أمكانيات التربة ولا يتناسب معها. وأكد أن إتمام إنشاء هذا المشروع العملاق على تربة رخوة سيتسبب في أحداث شروخ بجسم السد ومن ثم انهياره حيث أن التربة الإثيوبية تتمتع بصفات وخصائص مختلفة وتمتاز بكونها شديدة الارتفاع والانحدار على حد سواء، مما يجعلها عرضة للسيول أثناء موسم الأمطار الصيفية، مضيفاً أنه فى حالة انهيار هذا السد سيتسبب فى غرق ودمار شامل لمدن السودان منها الخرطوم وأم درمان وانهيار جميع السدود المقامة فى السودان على ضفاف النيل الأزرق بالسودان. وقال أنه لابد من الحوار الجاد مع الجانب الإثيوبى حول هذا الموضوع ومواصفات هذا السد المدمر، مؤكداً أن خطورة الغرق فى حالة انهياره تقع على السودان لأن بحيرة ناصر ومفيض توشكى قد يستوعب المياة المجرفة والمخزنة خلفه. وأضاف شراكى أنه بالرغم من التقدم العلمى والتكنولوجى الذى سيتبع فى بناء سد النهضة الإثيوبي لن يستطيع مواجهة غضب الطبيعة وكوارثها وإلا لاستطاعت التكنولوجيا اليابانية ودول شرق آسيا التصدى لأعصار تسونامى الذى حدث منذ عدة سنوات على سواحل اسيا وتسبب فى دمار دول الشرق الأسيوى. مضيفاً أن الإنسان له قدرات محدودة بالرغم من التقدم العلمى الذى وصل إليه أمام مواجهة الطبيعة بمخاطرها الشديدة ولكننا نستطيع أن نأخذ حذرنا واحتياطاتنا فالدراسة الأمريكية حددت أرتفاع السد بـ185م وسعة 11.1 مليار متر مكعب وأثيوبيا قامت بالمغالاة فى الارتفاع والسعة التخزينية ما سيؤدى لإحتمال انهياره. وأكد أن الشركة الإيطالية التى تنفذ مشروع السد الإثيوبى قامت بتنفيذ مشروع مائى فى إثيوبيا وانهار بعد تسليمه بعشرة أيام فقط. من جانبه، أكد مغاورى شحاتة، خبير الموارد المائية والرى، أن حجم السد وسعته المخزونية اختلفت 7 أضعاف عن الدراسة الأمريكية التى قامت بإعداد سد الحدود وما يسمى "بالنهضة حالياً" ولم يتم الأخذ فى الاعتبار أن الحسابات قد أختلفت باختلاف حجم السد ولم تتغير الأرض والمكان الذى سيتم إقامة السد عليه ولا طبيعة الصخور البازلتية التى تتأثر بالزلازل وعوامل التعرية، حيث أن هناك حالات مماثلة حين حدث انهيار لسد تاكيزى على نهر عطبرة بعد أن حدث انهيار جزئى له، مضيفاً أن الأمر يتعلق بالتربة وموقع غير أمن حيث أن هناك خطر كبير على الأقتصاد المصرى حيث سيتسبب السد لو لم ينهار في قلة نصيب مصر من المياه حيث أن سد النهضة سيحجز من مصر والسودان معاً 150 مليار متر مكعب من المياة بعد أقامة باقى السدود الـ4 الأخرى على ضفاف النيل الأزرق مما سيؤدى إلى إنخفاض إنتاج كهرباء السد العالى وخروج السد من الخدمة وتبوير 2 مليون فدان من الأراضى الزراعية المصرية. وأضاف شحاتة أن هناك خوف من رغبة إثيوبيا فى حبس المياه وسيطرتها على موارد مياه دول حوض النيل عن طريق تحكمها فى مسار النيل الأزرق عن طريق هذة السدود، مضيفاً أنه لا يوجد حسن نية من إثيوبيا فيما يتعلق مع ملف النيل بعد رفضها عدة مرات التعامل مع دول الحوض فى الاستفادة من النهر فى اقامة مشاريع تخدم دول الحوض كلها.

اقرأ أيضاً