عاجل

تطوير عشوائيات الإسكندرية

إن مشكلة العشوائيات تتلخص في غياب الدولة أثناء تراكم المشكلات وتفاقمها حتى تتحول إلي أزمة ندفع ثمنها جميعاً . وتظل العشوائيات هي الأفة التي تنتشر وتتوغل في عدة مناطق بالإسكندرية حتى أصبحت عروس البحر المتوسط اسماً فقط ، وأصبحت هذه العشوائيات كالقنابل الموقوتة تُنتج عَالماً من البلطجة والجهل والمرض ، فحكومات تتوالي واحدة تلو الآخري ، ووعود تقال ولا تُنفذ . والأن أصبح الوضع أكثر خطورة ، فمن ناحية تتحول مناطق راقية من الإسكندرية إلي عشوائيات حيث تتعرض أجزاء من هذه المناطق إلي هدم مبانيها الأثرية وبناء المئات من المباني العشوائية ، لذا يتحول الحي إلي حي شعبي عشوائي ، وقد تجاوز عدد العقارات المخالفة بعد الثورة 27000 عقار !! . ومن ناحية أخرى نجد انتشار العشوائيات بصورة أكبر في مناطق شعبية متفرقة بالإسكندرية كمنطقة الهضبة الصينية التابعة لحى العجمى ، العامرية ، المكس ، خورشيد وتوابعها ، كرموز، الحضرة الجديدة ، المراغي ، سيدى بشر قبلى ، العصافرة قبلى ، المندرة قبلى ، الحرمين ، المعمورة البلد ، وغيرها من المناطق . ومن المعروف أن هذه العشوائيات تنتج لأسباب عدة ، منها علي سبيل المثال لا الحصر: - الفقر وارتفاع أسعار الأراضى والشقق السكنية في المناطق الرسمية والتي تتمتع بالمرافق العامة " مياه نقية – صرف صحى – كهرباء – شوارع مناسبة " . - تدفق الهجرة من الريف للحضر . - الفساد الإدارى . فمواجهة مشكلة العشوائيات تتطلب تضافر جهود جميع الجهات المعنية وأخذ خطوات فعلية علي أرض الواقع للحد من هذه الكارثة التي تصيب المجتمع السكندري وتؤثر سلباً علي جمالياته وأخلاقياته . وقد وافق البنك الدولي علي تمويل عدة مشروعات في إطار خطة التنمية الشاملة لمحافظة الإسكندرية عام 2005 تضمنت ثلاثة محاور أهمها تنمية المناطق العشوائية ، وتقرر البدء في تطوير‏20‏ منطقة عشوائية‏ في عهد السيد اللواء محمد عبد السلام المحجوب محافظ الإسكندرية الأسبق ، ولم تكتمل الخطة حتى الأن !!. وبلغت ميزانية توصيل المرافق العامة والخدمات وتطوير العشوائيات في مدينة الإسكندرية خلال العام المالي 2007 – 2008 مليار جنيه ، في عهد محافظ الإسكندرية الأسبق اللواء عادل لبيب ، دون جدوى !!. ورغم إقرار الدكتور أحمد نظيف رئيس مجلس الوزراء الأسبق خطة تطوير 37 منطقة عشوائية خلال 2011 وتخصيص 3،7 مليار جنيه من صندوق تطوير العشوائيات للبدء في تنفيذها، إلا أن مسئولي الأحياء بالإسكندرية لم يحصلوا علي أي تعليمات من المحافظ الأسبق عادل لبيب للتصدي للعشوائيات فتركوا أصحاب النفوذ يتوسعون في الاستيلاء علي شوارع المناطق السكنية الجديدة والبناء عليها وتحويلها لعشوائيات علي مسمع من الجميع وبلا رقابة من أي مسئول ، والأمثلة كثيرة في مقدمتها المنطقة الرابعة والمعروفة لدي الإسكندرية بأنها المنطقة الواقعة جنوب الطريق الزراعي بسموحة والتابعة لحي شرق والتي يسكنها مايزيد علي 60 ألف نسمة وهي إحدي المناطق السكنية الجديدة والتي يطلقون عليها الصين الشعبية والمخطط تطويرها . السبب في ذلك كله يرجع إلي إنعدام الرقابة من المسئولين والتغاضي عن استيلاء الأراضي وبعض الشوارع الرئيسية بالكامل من أصحاب النفوذ والبناء عليها عقارات سكنية مخالفة وتسكينها لوضعها أمام الأمر الواقع وتحويلها لمنطقة عشوائية تحتاج لملايين الجنيهات . لابد اذن من إعادة تقييم تقرير الوضع الراهن للعشوائيات الخطرة في مصر من 2009 وحتى أغسطس 2012، والذي رفعه صندوق تطوير العشوائيات لرئاسة الجمهورية ومجلس الوزراء . علماً بأن المحافظين يحصلون على تمويلات من الصندوق بعد موافقة مجلس الوزراء، للتعامل مع المناطق العشوائية في كل محافظة، ثم تسدد كل محافظة المبلغ الذى تحصل عليه على دفعات من موارد المحافظة . ويشارك حوالى 26 منظمة مجتمع مدنى و47 مؤسسة فنية واستشارية في تنفيذ الخطة القومية للقضاء على العشوائيات، ويقوم المشاركون بإعداد دراسات لرصد الخصائص السكانية لكل منطقة عشوائية، قبل البدء في وضع مشروع التعامل مع المنطقة سواء بالإزالة أو التطوير، حيث ترصد هذه المنظمات المراحل العمرية لسكان المناطق العشوائية، والمهن الغالبة على الأيدي العاملة بها، والمشكلات الاجتماعية والصحية التي تعاني منها الأسر، خاصة الاطفال والنساء . ومن أهم إنجازات صندوق تطوير العشوائيات خلال العامين الماضيين، تعديل القانون رقم 10 لسنة 1999 الخاص بنزع الملكية للمنفعة العامة، والذى أضيف له تعديل على المادة (2) ليتيح نزع الملكية للمنفعة العامة في المناطق غير الأمنة . فمتى تنتهى أزمة العشوائيات ؟.