عاجل

ترشيد الإنفاق الحكومي

أطلقت الحكومة دعوة لترشيد الإنفاق للإسهام فى استعادة عافية الاقتصاد الوطني، وطالبت كل الجهات فى الدولة بالعمل على تحقيق هذا الهدف، بعد أن قفز عجز الموازنة إلى أرقام قياسية من الناتج المحلى الإجمالي ، حيث أصدر هانى قدرى وزير المالية قراراً وزع على جميع الجهات الحكومية للالتزام باجراءات خفض النفقات . ولقد بلغ الإسراف أقصى صوره فى موازنة 2009 و2010 حيث رصد الجهاز المركزى للمحاسبات مبلغ 22 مليار جنيه انفاقاً بدون مستندات تحت بند مصاريف استضافة !!. والموازنة العامة عبارة عن " خطة مالية للدولة تتضمن تقديرات للنفقات والإيرادات العامة لسنة مالية مُقبلة، وتُجاز بواسطة السلطة التشريعية قبل تنفيذها، وتعكس الأهداف الاقتصادية والاجتماعية التي تتبناها الدولة ". وتحاول الحكومات أن توازن بين إيراداتها ونفقاتها حتى تستطيع القيام بتنفيذ خططها التنموية، ولكن في بعض الأحيان لا يتحقق هذا التوازن بالشكل الذي تريده الحكومة، ويظهر ما يسمي بعجز الموازنة والذي يعني أن إيرادات الدولة لا تستطيع أن تلبي نفقاتها. وترشيد الإنفاق في معناه الاصطلاحي مشتق من كلمة الرشد الاقتصادي، ومعناه حُسن التعامل مع الأموال كسباً وإنفاقاً ، قال الله تعالى " وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا " سورة الفرقان آية 67 . فترشيد الإنفاق يتضمن ضبط النفقات، وإحكام الرقابة عليها، والوصول بالتبذير والإسراف إلى الحد الأدنى، وتلافي النفقات غير الضرورية، وزيادة الكفاية الإنتاجية، ومحاولة الاستفادة القصوى من الموارد الاقتصادية والبشرية المتوفرة . ويتعين تنفيذ سياسة ترشيد الإنفاق وفق أسس علمية سليمة، دون إخلال بمستوى الأداء ومتطلبات الأعمال ، ويقترح البعض أن تشمل ما يلى بعناية فائقة : - ربط التعيينات الجديدة بالاحتياجات الفعلية . - حظر شراء أصناف عن طريق الاستيراد، طالما أمكن توفير البديل المحلي لها . - الابتعاد عن جميع جوانب الإنفاق المظهري ، أو الإنفاق على أي أغراض لا ترتبط بأعمال الجهات . - تنشيط دور الهيئة العامة للخدمات الحكومية، وعليها أن تعيد النظر فى الأرصدة المكدسة بالمخازن ، فهناك ما قيمته سبعة مليارات جنيه من السلع الراكدة. - عمل المناقصات طبقا لاحتياجات الدولة الواقعية مع تحديد الكميات والأنواع حتى نتجنب الإهدار. - ترشيد معدلات الاستعانة بعمالة خدمية جديدة. - تعظيم الاستفادة من العمالة الخدمية وتدريبها وتأهيلها فرواتبهم تقدر بنحو مليار جنيه سنويا، وهو بند يثقل كاهل الميزانية. - توفير نفقات الاستهلاك التى تصرف فى غير الشأن المخصص لها ، مثل نفقات السيارات الحكومية والتى تفوق المليار جنيه سنوياً ، وذلك من خلال التعاقد مع شركات خاصة بعيداً عن الإدارات الحكومية ، وتتولى هذه الشركات مهام النقل والتوصيل مقابل مبالغ محددة سلفاً للحد من الإهدار الذى يتم فى هذا القطاع التابع للمصالح الحكومية ، وتتمثل أبسط أشكال هذا الهدر فى استخدام السيارات فى شئون خاصة لا تمت للعمل بصلة. - وصورة أخرى للإهدار تتمثل فى تخزين القمح فى الشون حيث يتراوح نسبة الهادر ما بين 18% و22% ، وعلاجه بسيط وهو إنشاء 50 صومعة بتكلفة 5 ملايين جنيه، وهذا الوفر يحقق نحو 2 مليون ونصف مليون جنيه سنويا. - ترشيد أعداد المستشارين في الحكومة . - وقف الإهدار فى رصف الطرق التى تتكلف ملايين الجنيهات ثم نفاجأ بعد ذلك بعيوب فى الطرق بعد تنفيذها أو يتم حفرها مرة أخرى لتركيب مرافق ثم يعاد رصفها ثانية بعد عدة شهور دون النظر إلى الملايين الضائعة نظير الرصف أو من المتسبب فى ضياعها . - تقليل حجم التمثيل الدبلوماسي . - ترشيد بند الاحتفالات، إذ يكلف هذا البند الدولة 82 مليون جنيه سنوياً . - ترشيد استخدام المياه والكهرباء والوقود . - عدم تجاوز الاعتمادات المدرجة فى الموازنة إلا فى حالة الضرورة القصوى وبعد موافقة وزير المالية . - التقويم الدوري لبرامج الإنفاق العام على اختلاف أنواعها . - وأخيراً فإن التوسع الاقتصادي، والتنمية الاقتصادية هما السبيل لتحقيق ترشيد فعال، وذلك من خلال العوائد المحققة التى تعدل توازن كفتى الميزان المتمثلة فى الموارد المحدودة وحجم الإنفاق الكبير. واللافت للنظر أن وزارة المالية تُصدر باستمرار قرارات لترشيد الإنفاق العام، إلا أن الجهات الحكومية، تُخالف قرارات مجلس الوزراء . كما أن الجهاز المركزى للمحاسبات يرصد كثيراً من صور الإهدار الحكومى التى إذا تجنبناها لتمكنا من ترشيد معدلات الإنفاق بالشكل المطلوب فنحقق وفراً كبيراً ، ولكن المشكلة تكمن فى تقاعس المسئولين عن تنفيذ توصيات الجهاز ، ولذلك ينبغى أن تتحول التوصيات إلى قرارات مُلزمة فنحن نعانى من ضعف الرقابة الداخلية وعدم رصد المخالفات والمجاملات بالأجهزة الحكومية. وبناء على ذلك يقترح البعض اتخاذ إجراءات لتوحيد الجهات الرقابية المختلفة فى جهة واحدة تتولى التفتيش على الإدارات المالية والإدارية ولا تتبع سلطة متخذ القرار حتى نتمكن من رصد المخالفات ومكافحتها. كما ينبغى الإسراع بإصدار قانون مكافحة الفساد لأننا حاليا فى أمس الحاجة إليه نظراً للظروف التى تمر بها البلاد. وطبقاً للإحصائيات التى أعدتها المنظمة الدولية للشفافية جاء تصنيف مصر فى المركز (121) فى الدول التى تعانى من فساد إدارى ومالي ، مما يوضح اننا ينبغى أن نُشكل هيئات خاصة مستقلة لمكافحة الفساد ونختار أعضاءها بعناية فائقة.