عاجل

القانون الدولي الإنساني (2)

عرضنا في المقال السابق المبادئ العامة للقانون الدولي الانساني ، وأجملناها في : - مبادئ حماية الأشخاص غير المحاربين . - مبادئ حماية الأشخاص الذين توقفوا عن القتال . - مبادئ حماية الأعيان المدنية . - مبادئ تقييد أساليب ووسائل القتال . ثم فصلنا القول في النوع الأول من هذه المبادئ ، ونتناول في هذا المقال النوع الثاني . 2- حماية الأشخاص الذين توقفوا عن القتال ويُقصد بهم : - الأسرى والجرحى والمرضى في الحروب . - المقاتلين الذين قُتِلوا في الحرب . وتتلخص الحماية المقررة للأسرى في حظر قتلهم وتعريض حياتهم أو صحتهم للخطر ، ويتعين نقلهم إلى أماكن بعيدة عن منطقة القتال . ولا يجوز تعذيبهم ولا إكراههم ، ويلزم معاملتهم معاملة إنسانية في جميع الأوقات والحالات بدون أي تمييز على أساس الجنسية أو العقيدة أو ما شابه ذلك ، وتوفير الغذاء والكساء والعناية الطبية اللازمة لحالتهم الصحية وأماكن الإيواء ، و تخصيص أماكن خاصة بالنساء . أما الجرحى والمرضى فيجب – فضلاً عما سبق – أن يتلقوا الرعاية الطبية التي تطلبها حالتهم بغض النظر عن دينهم أو أصلهم أو جنسيتهم ، وعلى الطرف الذى يُسيطر على ميدان القتال أن يبحث عنهم ويحميهم من أي اعتداء أو معاملة سيئة ، فيُحظر قتلهم أو تعذيبهم او أخذهم كرهائن أو تعريضهم لأي إجراء طبي لا تقتضيه حالتهم الصحية ولا يتفق مع المعايير الطبية المرعية ، كما يُحظر إجراء عمليات البتر أو استئصال الأنسجة أو الأعضاء بقصد زراعتها او إجراء التجارب الطبية والعلمية عليهم . أما القتلى والموتى فتقضي الاتفاقيات بوجوب احترام جثثهم ودفنها بطريقة محترمة وعدم التمثيل بها إلى غير ذلك من الحمايات المقررة لهم في الاتفاقيات الدولية ، سواء كانت الحرب برية أو بحرية ، وسواء كانت النزاعات دولية أو غير دولية . وقد قررت الشريعة الاسلامية مبدأ حماية الأشخاص الذين توقفوا عن القتال منذ خمسة عشر قرناً أفضل وأكمل تقرير ، فقال تعالى : (وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا . إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاء وَلَا شُكُورًا ) . والآية وإن تحدثت عن الطعام إلا أنها تشمل جميع وجوه الإحسان . وقال تعالى : (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً ) . وروى ابن أبي شيبة أن النبي صلى الله عليه وسلم أرسل في فتح مكة من يُنادى في الناس : " ألا لا يُجهزن على جريح ولا يُتبعن مُدبر ولا يُقتلن أسير ومن أغلق بابه فهو آمن ومن دخل بيته فهو آمن " . وروى الطبراني قوله صلى الله عليه وسلم : " استوصوا بالأسارى خيراً " . وروى أحمد أنه صلى الله عليه وسلم أمر في غزوة بدر بدفن جثث قتلى الكفار في بئر بعد بدر . وروى البيهقي نهيه صلى الله عليه وسلم عن المُثلة . ولا شك أن عموم هذه النصوص الشرعية تشمل صور الحماية المقررة لمن توقفوا عن القتال وتزيد .