عاجل

سوريا أولا.. حتي تعود الجولان

الدكتور السيد رشاد برى

الدكتور السيد رشاد برى

لقد استيقظ  العرب وقبل أيام قلائل من انعقاد قمتهم السنوية بتونس على كارثة جديدة – كعادتهم فى السنوات الأخيرة- وهى اعتراف الرئيس الأمريكى دونالد ترامب بسيادة الكيان الصهيونى الغاصب على هضبة الجولان السورية!!، والكارثة الأخطر فيما ساقه الرئيس الأمريكى الأعجوبة من حجج ومبررات هذا الاعتراف بأن الاحتلال الإسرائيلى للجولان السورية العربية دام 52 عاما ، وكأن أراضى الأمم عقار خاص يتم تملكه بوضع اليد ،وحسب التقادم ، أما المبرر الأكثر وقاحة فهو أن "ترامب"يشدد فى تصريحه على تويتر أن الجولان مهمة إستراتيجيا وأمنيا لحماية الدولة الصهيونية المعتدية ،وكذلك للاستقرار الإقليمى، ليتفوق "عذر"هذا "الترامب" فى قبحه، ربما لأول مرة ،على "ذنب" التخاذل والتشتت العربى الذى سمح له ولأمثاله فى تل أبيب ولندن وكندا وأستراليا وحتى جزر المحيط الهادى مجهولة الاسم والهوية التى لايسمع بها سوى سكانها!!بالتدخل الفج فى أدق خصوصيات الشأن العربى.


 من هنا كان على القادة العرب، وحتى لا يتحول  قاطنو "كوكب جامعة الدول العربية" ،كما يراهم ولايتمنى لهم شعوبهم، إلى مجرد "جثث"فعل،تتصارع على "مقبرة"من رد الفعل البائس المتخاذل ، حتى لايحدث ذلك، على كل الرؤساء والملوك والزعماء والقادة العرب ،أعضاء الجامعة من طنجة إلى بغداد، ومن جزر القمرإلى الجزائر،كان عليهم أن ينحوا خلافاتهم المقيتة، ويخرجوا ولو مرحليا من زنازين مصالحهم الضيقة، وأن يسارعوا باتخاذ موقف عربى واحد تجاه هذه الكارثة،يبدأ بإعادة "سوريا"العربية فورا ودون إبطاء ،أوحسابات "مع"و "ضد" إلى الصف العربى، بدلا من تركها منفردة ،فى مواجهة مؤامرات وقرارات هذه الذئاب المسعورة سواء فى واشنطن أو تل أبيب،والذين أعادوا للأذهان وعد بلفور المشؤم ،حين أعطت الأمبراطورية البريطانية التى لاتغيب عنها الشمس "ما لاتملك" لمن لايستحق، وقت أن كان العرب محتلين تحت ربقتها ، بلاحول لهم ولاقوة ، لتظل  فلسطين  ضائعة حتى الأن ، ويظلوا ضائعين معها ، لكن ماعذر تخاذل العرب"الأحرار،الأغنياء،الأقوياء، الأشاوس أصحاب الثروات وأحدث الأسلحة وأعظم الأمجاد؟!" الآن  فى تخاذلهم ، وضعف مواقفهم ، التى لم تقترب حتى من مواقف بعض أعدائهم مثل دول الاتحاد الأوربى،إنه انعكاس ردئ لزمن الضعف والترهل العربى الذى يشجع ويغرى القوى  الدولية والإقليمية غير العربية على التدخل السافر فى الشأن العربى واللعب بمصائر الأمة العربية ومقدراتها، دون رادع أو وازع،حيث نجدهم فى كل قمة من قممهم ، وعبر كل مؤتمر أو اجتماع داخل جامعتهم  يكررون خطابهم النضالى بأنهم يريدون أن يواجهوا إسرائيل ، ويتصدوا لنفوذ تركياوإيران، ويضمنونه في البيانات الختامية للقمم المتتابعة،لكن الماساة الحقيقية هى أن خطاب العرب لم يتغير، بينما وضعهم الإقليمى والدولى يتغير إلى الأسوأ،حيث يزداد تدهورا وانهيارا، بخاصة فى ظل فشل هذه القمم العربية فى تدشين مشروع عربى قادر على توفير الحد الأدنى،لحماية والحفاظ على ماتبقى من مقومات ومقدرات الأمة العربية، لكن تعامل القمة العربية التقليدى هذه المرة بالشجب والاستنكار وتوازنات إمساك العصا من المنتصف تجاه هذه الكارثة غير المسبوقة هو فى حد ذاته الكارثة الكبرى التى تهدد بضياع ليس الجولان ولاسوريا فقط، بل وجود النظام العربى برمته، ليخسر العرب "التاريخ" بعد أن خسروا بتخاذلهم وانقساماتهم كثيرا من "الجغرافيا".


لقد انتهت قمة اليوم الواحد فى تونس كما بدأت، لكن كارثة الجولان ،وقبلها كارثة القدس مازالت مستمرة،وستظل طالما استمر رد الفعل العربى بهذا الضعف تجاه أخطر أزمة تهدد وجود النظام العربى كله، ..ولاحل إلا بأن تعيدوا "سوريا "إلى اللحمة العربية، وساعتها يمكنكم الحديث،"مجرد الحديث"،عن إعادة "الجولان" إلى "سوريا".